القلم الرصاص هو أداة يدوية تستخدم - في الغالب- على الورق للكتابة والرسم، وقد تستخدم على الجلود أو مواد أخرى، وتتم الكتابة بالنسبة للقلم الرصاص بواسطة "الجرافيت"، الذي يتم تغطيته بغلاف خشبي.
وهناك أنواع من تلك الأقلام قد تحتوي كذلك على ممحاة تثبت في نهاية طرفها السفلي بواسطة حلقة معدنية.
والأقلام الرصاصية تختلف عن غيرها من أقلام الكتابة في أنها يمكن محو الكتابة الناتجة عنها.
وللأقلام الرصاص قصة طويلة، ففي روما القديمة كانت الكتابة على ورق البردي "وذلك قبل استخدام الورق في الكتابة" تتم باستخدام عصا أو عود معدني كان يطلق عليه اسم "المرقم" أو القلم، الذي كان يترك أثرا بسيطا على الورق ولكنه مقروءا.
وفيما بعد صنعت الأقلام من الرصاص، وحتى الآن مازلنا نطلق على لب القلم اسم "الرصاص" بالرغم من أنه يصنع من مادة الجرافيت، وليس الرصاص.
وكلمة "pencil" الانجليزية والتي تعني القلم الرصاص أخذت من الكلمة اللاتينية " penicillus" والتي تعني "الأثر الصغير".
اكتشاف الجرافيت:
في عام 1564 تم اكتشاف تراكمات جرافيتية هائلة في منطقة تسمى "سيثوات فيل" ببلدة برودال في انجلترا، وقد وجد السكان المحليون أنه من المناسب جدا استخدام الجرافيت في وضع علامات على النعاج الخاصة بهم لتمييزها.
وكانت هذه التراكمات من الجرافيت تتميز بالنقاء والصلابة بشكل كبير، ومن الممكن نشرها وتقطيعها إلى مجموعة من القضبان الطولية، ويمكن استخدامها في الكتابة.
وقد بقيت هذه التراكمات هي الوحيدة التي وجدت في هذا الشكل الصلب، ولكن بما أن علم الكيمياء كان في ذلك الوقت لا يزال في مراحله الأولى، ظل استخدام مادة الرصاص هو السائد في تصنيع أقلام الكتابة.
عقب ذلك تم اكتشاف تراكمات جرافيتية في أجزاء أخرى من العالم، ولكنها لم تكن في نفس مستوى النقاء والصلابة الموجودة في التراكمات المكتشفة في برودال، فكان يجب تنقيتها من الشوائب الموجودة بها أولاً، للحصول على مسحوق الجرافيت النقي، ولهذا السبب ظلت انجلترا هي المحتكر الوحيد لصناعة الأقلام الرصاص في العالم، وذلك حتى تم اكتشاف طريقة لتنقية الجرافيت، وعقب ذلك أصبح استخدام الجرافيت واسع الانتشار.
ويترك الجرافيت علامات أكثر وضوحا من الرصاص عند استخدامه في الكتابة، ولكن أثره في الكتابة يتسم بأنه سريع الزوال.
الميلاد الحقيقي:
لم يكن قلم الرصاص المصنوع من الخشب والجرافيت معروفا بنفس الشكل الذي نجده عليه الآن، ففي البداية كانت أعواد الجرافيت تغلف بالخيوط ليتم الكتابة بها، ولكن فيما بعد بدأ مصنعي الأقلام يضعون الجرافيت بداخل أعواد من الخشب يتم حفرها يدوياً، ومن هنا بدأ الميلاد الحقيقي لأقلام الرصاص المصنوعة من الخشب.
وكان الإيطاليون هم أول من فكر في صناعة الأقلام الرصاص ذات الغلاف الخشبي، حيث استطاع زوجان ايطاليان يعملان في مجال النجارة ابتكار أول هيكل خشبي لشكل القلم الرصاص الحديث، حيث في البداية قاما بتجويف جزء من عود من خشب الصنوبر، وبعد ذلك بفترة بسيطة اكتشفت طريقة أخرى لصناعة القلم عن طريق شطر شريحة خشبية إلى نصفين يتم تجويفهما وإدخال المادة الجرافيتية بداخلهما ثم لصق الشطرين مرة أخرى، وهي نفس التقنية التي تستخدم حتى اليوم في صناعة الأقلام الرصاصية.
أما أول إنتاج على نطاق واسع للأقلام الرصاص فكان في "نورمبرج" في ألمانيا عام 1662، واستمر ذلك حتى فترة الحروب النابليونية فلم تكن الأقلام الرصاص المنتجة في انجلترا وألمانيا متاح الحصول عليها في فرنسا، لانقطاع الواردات فيما بينهم.
وعقب الثورة الأمريكية بدأ المستعمرون الأمريكيون في استيراد الأقلام الرصاص من أوروبا، وأعلن العالم الأمريكي بنيامين فرانكلين عن طرح تلك الأقلام للبيع في جريدته المحلية "بنسلفانيا جازيت" عام 1729، ويعتقد أن النجار ويليام مونرو من كونكورد بولاية ماساشوستس هو أول من قام بصنع أول قلم رصاص خشبي أمريكي في عام 1812.
تطور استخدام الجرافيت في صنع الأقلام الرصاص:
في 1795 اكتشف الكونت نيكولاس جاك طريقة لخلط مسحوق الجرافيت مع الطمي، وتشكيل هذا الخليط في شكل أعواد يتم حرقها في فرن حراري "أتون"، وباختلاف نسب خلط الجرافيت إلى الطمي تختلف درجة صلابة الأعواد ( فكلما زادت نسبة الطمي كلما زادت صلابة القلم المصنوع، وفي ذات الوقت قلت درجة الأثر الذي يتركه القلم في الكتابة).
ولم يكن الإنتاج الأول من أقلام الرصاص يتم طلائه، وذلك لبيان مدى جودة الخشب المستخدم في صناعته، ولكن وبحلول عام 1890 وما بعدها من أعوام، بدأ كثير من مصنعي الأقلام الرصاص في طلاء الأقلام مع إعطائها أسماء وعلامات تجارية خاصة بها.
كانت الأقلام الرصاص الأولى في الولايات المتحدة تصنع من خشب الأرز الشرقي الأحمر، والذي كان يتميز بالصلابة والمعروف بأنه مقاوم للكسر إلى حد كبير، وكانت أشجاره تزرع في ولاية "تينيس" والأجزاء الأخرى بجنوب شرق الولايات المتحدة.
شكل التصنيع حاليا:
يتم حاليا صنع الأقلام الرصاص من خلط مسحوق الجرافيت النقي مع الطمي وبإضافة الماء، وتشكيله على هيئة فتائل طويلة تشبه أعواد المكرونة الاسباجيتي، ثم تحرق في أتون، وبعد ذلك يتم تغطيسها في زيت أو شمع مصهور يتم إسالته من خلال فتحات ضيقة لإنتاج قلم يمكن الكتابة به.
أما الخشب المصنع منه القلم الرصاص فيكون عادة من الصنوبر أو من خشب الأرز، وتكون القطعة الخشبية محتوية على أخاديد طولية يتم إدخال أعواد الجرافيت فيها، ثم يتم لصقها بقطعة أخرى مشابهة، وبعد ذلك تقطع إلى عدة أقلام منفردة يتم طلائها وتلميعها.
خطوات تصنيع القلم الرصاص:
1. يتم تقطيع خشب شجر الأرز إلى كتل خشبية أصغر يتم صنع الأقلام الرصاص منها.
2. بعد ذلك يتم تقطيع تلك الكتل إلى شرائح خشبية أصغر.
3. يتم معالجة تلك الشرائح الخشبية عن طريق الشمع و الأصباغ.
4. عن طريق إحدى الماكينات يتم حفر أخاديد غائرة بداخل الشرائح الخشبية، ليتم وضع مادة الكتابة بداخلها "وهي الجرافيت".
5. يتم صنع مادة الكتابة بداخل القلم من عجينة مكونة من الجرافيت والطمي، وهي التي يتم وضعها بداخل الشريحة التي تم حفرها، وبعد ذلك يتم لصقها بشريحة أخرى تم حفرها بنفس الطريقة "لعمل ما يشبه السندويتش".
6. هنا يتم إدخال الشريحتين إلى ماكينة أخرى لإخراج الشكل النهائي للقلم الرصاص، بحوافه المعروفة لنا.
7. يتم تقطيع كل قلم على حدة من القطعة الطولية الكبيرة، ويتم معالجتها "عن طريق صنفرتها بالرمال" لتصبح ذات سطح ناعم.
8. في الخطوة التالية يتم طلاء كل قلم، ثم كشط جزء من طرف القلم ليتم فيه تركيب الحلقة المعدنية التي سيتم إدخال الممحاة "الأستيكة" فيها.
9. أخيرا يتم إدخال الحلقة المعدنية والممحاة في القلم ليصبح جاهزا للاستخدام.
المقاييس المعتمدة لأقلام الرصاص:
عادة ما يستخدم الفنانون الأقلام الرصاص المصنوعة طبقا للنظام الأوروبي، والذي يعتمد مقياس "H" للتدليل على الصلابة، و"B" للتدليل على شدة السواد، و"F" للتدليل على سمك سن القلم، أما الدرجة القياسية المعتمدة للقلم الرصاص فهي "HB".
ويتسع نطاق التدريجات المستخدمة في الأقلام الرصاص بالنسبة للفنانين ليتيح لهم إمكانية إحداث التأثيرات البصرية المختلفة في أعمالهم، حيث يمكن لمجموعة من الأقلام الرصاص أن تتدرج من الصلابة الشديدة و أقل درجات اللون، إلى الليونة الشديدة وأشد درجات اللون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
معاينة صفحة البيانات الشخصي للعضو ارسل رسالة ارسل رسالة بالبريد الإكتروني